التّربية الإيمانيّة

من عمر 11 إلى 18 سنوات:
إنها مرحلة البلوغ (نتحفّظ على كلمة مراهق فهي بالمعجم العربيّ تعني الإرهاق والتّعب، أما نحن فنرى أن هذه المرحلة مرحلة  مليئة بالطّاقة ولكننا نسيئ فهمها ونسيئ التعامل معها) المرحلة التّي يُكَوّن البالغ فيها شخصيته ويثور فيها على الأهل لشعوره بالقوة والاستقلالية عنهم، هنا يكون دورنا كمربين أن نتخذهم رفاقًا لنا سمعهم دون أن نكثر من النّصيحة، بل نحوّل النّصيحة إلى أفعال نقوم بها أمامهم، ونناقش معهم أسئلةٍ و مواضيع نوسّع منها آفاق تفكيرنا و تفكيرهم.فالإسلام بحد ذاته ثورة٫ جاء ليحرر النّاس من عبادة النّاس إلى عبادة رب النّاس، ليخرج من الظّلمات إلى النّور. المشكلة أننا تعلّمنا الاسلام من الأفلام والمسلسلات ونسينا السّيرة النّبوية والخلفاء الراشدين والصحابة والعصور الذّهبية…

في هذه المرحلة علينا تعليمهم عن الحلال والحرام، فهذا يجوز وذاك لا يجوز، مع شرح التّأثيرات السّلبية لما نهانا الله ورسوله عنه، وعدم الاكتفاء بإعطاء الأوامر، ليعرف البالغ أن كلّ ما نهانا الله عنه هو لخيرنا وصالحنا، كذلك علينا تعريفهم على الحدود التّي وضعها الله كي لا يعتدوها وإن أذنبنا فنتوب ونستغفر بارئنا فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال الرّسول ﷺوالذي نفسي بيده لو لم تذنبوا؛ لذهب الله بكم، ولجاء بقوم غيركم يذنبون، فيستغفرون الله؛ فيغفر لهم.وفي هذه المرحلة يبرز موضوع الميل إلى الجنس الآخر، فلا بد من شرح رأي الدّين ليكون البالغ على علم بأن الميل القلبي فطرة من الله، لكنه سيحاسب على الأفعال إن خالفت الشّرع، وإن وجد الأهل حرجًا في فتح هذه المواضيع مع الأطفال وجّهوهم لمن هم أهل لذلك. كذلك علينا أن نشرح لهم مخاطر التّعلّق بالأفلام والمسلسلات التّي تشجع على العلاقات بين الجنسين وتعتبره انفتاحًا..

كذلك علينا أن نعرّفهم على شخصيّات هامّة من تاريخنا الإسلاميّ، ونطلعهم على العصر الذّهبي. (قناة: 101 Inventions آخر  انتاجاتها عام 2019 ولكن معلوماتها مفيدة) في الحضارة الأسلامية، وأبرز الاكتشافات والعلوم فيه، وذلك ليعتزّوا بدينهم ويفخروا به، ونشرح لهم أسباب تخلّفنا الحالي وعلاقتها بالبعد عن الدّين، ونربطهم بقدواتٍ تاريخية أو حاضرة، ناجحة وملتزمة، عوض عن اتخاذهم المغنيين أو الفاشينيستات أو اللاعبين قدوات لهم، فيسهل انحدارهم وبعدهم عن الدّين. كما يمكننا أن، نقدّم لهم نماذج من المسلمين الجدد، عبر فيديوهات متوفرة، ليسمعوا منهم عن الضّياع الذّي عاشوه، والصّراعات التي عانوها جرّاء الخواء الرّوحيّ الذّي تملّكهم رغم حصولهم على المال والشّهرة، تعرف على افراد عانوا وبحثوا ولم يجدوا الرّاحة والسّلام إلا بالإسلام …

   كذلك يمكن أن نربطهم ببرامج تتكلم عن الإعجاز في القرآن الكريم، ففي هذه المرحلة تكثر التّساؤلات عن الكون والغيبيّات، فالتّفكّر في هذا الكون والتّأمل في مخلوقات الله هي عبادة. تساعد في غرس الإيمان في قلوب أبناءنا. كما ويجب تحذيرهم من ممارسة بعض الطّقوس الّتي تنتشر على الميديا، والّتي يروّج لها العديد من المشاهير، والّتي هي في صلب العقائد الباطنيّة والّتي تتنافى مع عقيدتنا، والتّأكد من أي معلومة دينيّة أو حديث نبوي يسمعنه على منصات التّواصل لأنه قد تكون بدعة أو حديث ضعيف.

   أيضًا علينا مناقشتهم في موضوع التّعايش مع الآخر (من غير دينهم) واحترامه، ومساعدتهم إن استلزم الأمر، وحدود التّعامل معهم دون تقديم التّنازلات العقدية والدّينيّة.. وفي نهاية هذه الفترة أغلب البالغين يحسمون قراراتهم المتعلقة بالالتزام الدّينيّ ؛عن شهر بن حوشب -رضي الله عنه-: (قُلتُ لأمِّ سلمةَ : يا أمَّ المؤمنينَ ما كانَ أَكْثرُ دعاءِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ إذا كانَ عندَكِ؟ قالَت: كانَ أَكْثرُ دعائِهِ: يا مُقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ قالَت: فقُلتُ: يا رسولَ اللَّهِ ما أكثرُ دعاءكَ يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ؟ قالَ: يا أمَّ سلمةَ إنَّهُ لَيسَ آدميٌّ إلَّا وقلبُهُ بينَ أصبُعَيْنِ من أصابعِ اللَّهِ، فمَن شاءَ أقامَ، ومن شاءَ أزاغَ. فتلا معاذٌ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا).

    وقبل الانتقال إلى مجالات التّربية الأخرى نتطرّق إلى ذِكر بعض علماء النّفس الحديث الذّين تناولوا أهمية الدّين، ككارل غوستاف يونغ  الذّي يؤكد أن الدّين ليس كسبًا حصّله الإنسان من خلال تطوّره الاجتماعيّ، بل غريزة متأصّلة فيه، يسمّيها السّعي نحو الكليّة، ولا ينبغي للأنسان قهرها، أو قمعها لصالح العقلانية المفرطة الّتي اقتضتها الحياة الحديثة، بل هو ضرورة من أجل تكيّف الإنسان مع عالمه الدّاخليّ، ويقول يونغ: الأديان أنظمة علاج نفسي. ويمكن القول إنها أكثر أنظمة العلاج النّفسي تطوراً. فخلف المشاكل التّي رأيتها في مرضاي الذّين تجاوزوا في أعمارهم الخمسة والثّلاثين سنة، كان هناك سبب يتمثل في عدم وجود رؤية دينيّة للحياة.”  

نموذج:

 ياسر ممدوح ناشط على الفيسبوك نحسبه من الصّالحين الذّين يخاطبون عقول الشّباب، صالح زغاري ناشط مقدسي يقوم بجولات ويعرف النّاس بالمسجد الأقصى. أما منصة الإنستغرام مُقتَبِس و غرافولا… وكما يوجد سلسلة على قناة السّبيل تعرف أبناءنا على التّاريخ والحضارة بشكلٍ وسطي. كريم اسماعيل
كما وجب الحذر من البرامج أو المسلسلات الكورية مثل الأنيمي، والمانغا ومنصة نت فليكس وبرايم فهدفها الأساسي بث الإلحاد والشّذوذ بين الشّباب. لكي نقي أبناءنا منها، و إننا نحسب للمهندس فاضل سليمان من الشّخصيات الّتي ترد على الشّبهات والتّساؤلات إسلاموفوبيا 1،إسلاموفوبيا 2 تساعد على الوقاية من الإلحاد ورد الشّبهات التّي يتسائل عنها الشّباب. 

في نهاية الأمر نحن مسؤولون عن رعيتنا فمهما كبرنا وكبر أبناؤنا واجب علينا أن نوجههم إلى الصراط المستقيم ونطلب الهداية لنا ولهم من خالقنا، قال تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ” القصص-56)وفي الحديث القدسي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النّبي ﷺ قال:أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئؤولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْؤولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ.(متفق عليه) إذًا لنحسن الرّعاية، ولاننس أن نربي أنفسنا لأننا القدوة لهم والقدوة تكون بالأفعال لا بالأوامر والأقوال.

%d مدونون معجبون بهذه: